Wednesday, January 11, 2012

كتاب: من أجل مقاربة جديدة لنقد القصة القصيرة جدا ( المقاربة الميكروسردية)

* التحليل والتفسير:


يتضح لنا ، مما سبق ذكره، أن السرد الحكائي بالمملكة العربية السعودية كان يتأرجح بين القصة القصيرة والأقصوصة والقصة القصيرة جدا، والدليل على ذلك المصطلحات التي كان يستخدمها الكتاب القصاصون ، ومن بينها: قصص، قصص قصيرة جدا، قصص قصيرة، مجموعة قصصية،نصوص قصصية...
وهذا التعدد في المصطلحات والمفاهيم إن دل على شيء فإنما يدل على اختلاط الأجناس الأدبية وتداخلها، ومزج الكتاب السعوديين بين كل الأنواع السردية في بوتقة جنسية واحدة وصهرها ضمن ما يسمى بالقصة، كما أن فن القصة القصيرة جدا لم يستقر بعد نظريا وتطبيقيا في العالم العربي بصفة عامة والمملكة العربية السعودية بصفة خاصة، ولم يدخل بعد قاموس نظرية الأدب وخانة الأجناس. لذلك، نرى المبدعين السعوديين يتعاملون مع هذا الجنس الأدبي الجديد المسترفد من الغرب بنوع من الحيطة والحذر والحشمة والاستحياء والوجل والمرونة خوفا من غضب النقاد وبطشهم الشديد وتحصينا من ردود فعل القراء الذين قد لايعترفون بهذا النوع القصصي القصير جدا.
ونلاحظ ، من خلال التحقيب الزمني ، أن القصة القصيرة جدا بالسعودية لم تظهر إلا في منتصف السبعينيات من القرن العشرين مع محمد علوان بمجموعته القصصية:" الخبز والصمت"، ومن تلك الفترة وقع ركود أدبي نسبي طوال عقد الثمانين، لتنطلق الحركة الأدبية والقصصية مع فترة التسعينيات، فيزدهر النشر والإبداع والنقد بسبب انتشار التعليم، واهتمام المملكة بتثقيف شبابها وشاباتها، علاوة على الرخاء الذي عم المملكة السعودية بسبب أرباح عائدات النفط. وقد أثر كل هذا إيجابا على الإنسان السعودي اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا وتربويا. ومن ثم، فقد انطلقت نهضتها العلمية والفكرية والثقافية في وقت مبكر بالمقارنة مع الدول الخليجية المجاورة الأخرى كقطر وعمان والبحرين والإمارات العربية المتحدة...
وعليه، فقد تطورت وتيرة الإبداع القصصي القصير جدا مع التسعينيات وسنوات الألفية الثالثة مع ازدهار النشر الصحفي وانتشار المنابر الورقية والرقمية.
وتعرف الحركة الثقافية بالسعودية انتعاشا كبيرا ونشاطا ديناميكيا مشهودا في مجال القصة القصيرة جدا، ويتجلى ذلك بوضوح في أنشطة النوادي والجامعات والمؤسسات الثقافية في كل مدن المملكة وقراها وربوعها الشاسعة وأرجائها الواسعة، والعمل على تكريم المبدعين والقصاصين ماديا ومعنويا ، وتفعيل حركية النقد والدراسات الأدبية المنصبة حول القصة القصيرة جدا، والمشاركة في المهرجانات والمنتديات والملتقيات والمباريات المخصصة لهذا الفن الأدبي الجديد كمشاركة بعض السعوديين في مهرجان حلب للقصة القصيرة جدا مع الفوز بالجوائز المرصودة، وأذكر من هؤلاء المشاركين على سبيل الخصوص: حسن بن علي البطران، وطاهر الزارعي، ومشعل العبدلي، وأميمة البدري، وعلي حمود المجنوني، ونورة شرواني، وتركي الرويتي، وجابر عامر عوض الشهدي...
ويبلغ عدد المجموعات القصصية أكثر من 40 مجموعة تجمع بين فن القصة القصيرة وجنس القصة القصيرة جدا، وهناك مجموعات أخرى لم نصل إليها بسبب مجهوداتنا البسيطة، ولكن في المستقبل سنحاول جادين - إن شاء الله - أن نلم بشتات الموضوع في ببليوغرافيا شاملة نظريا وتطبيقيا.
أما عدد الذين يكتبون القصة القصيرة جدا فهم كثر يتجاوزون الأربعين مبدعا..."


وعليه، فمن الضروري للناقد أو الدارس أن ينطلق في دراسته العلمية الرصينة من المستوى الببليوغرافي قصد الوصول إلى نتائج موضوعية ومعطيات استنتاجية مقبولة.

No comments:

Post a Comment