Wednesday, January 11, 2012

كتاب: من أجل مقاربة جديدة لنقد القصة القصيرة جدا ( المقاربة الميكروسردية)

المبحث الثاني: المعيار التفاعلي:


* مقياس التناص:


ثمة مجموعة من القصص القصيرة جدا حبلى بالمستنسخات التناصية والنصوص الغائبة والإحالات المعرفية الدالة على الذاكرة والترسبات والمعرفة الخلفية بخطاطاتها الذهنية ومدوناتها الإحالية، بينما هناك في المقابل نصوص قصصية لغوية خالية من الإحالات التناصية ومعدمة بفقرها. بينما يشترط في القصة القصيرة جدا الجمع بين المتعة والفائدة و الإمتاع والإقناع ، وألا تبقى قصة بيانية إنشائية ، بل لابد أن تعضد بحمولات ثقافية ومعرفية.
ويلاحظ أن القصة القصيرة جدا تعاملت مع مجموعة من المستنسخات التناصية ونذكر منها الأنواع التالية:


- المستنسخ الديني كما في قصص الحسين زروق ووفاء الحمري؛
- المستنسخ الرقمي كما عند فاطمة بوزيان في مجموعتها :"ميريندا"؛
- المستنسخ العلمي حكما يحضر في قصة: " الخطيئة" لمصطفى لغتيري؛
- المستنسخ الفلسفي كما في مجموعة" مظلة في قبر" لمصطفى لغتيري؛
- المستنسخ التاريخي كما في قصة :" تهمة" للسعدية باحدة؛
- المستنسخ السياسي كما في قصص حسن برطال؛
- المستنسخ الأدبي كما في قصة:" شاعر" لإبراهيم الحجري؛
- المستنسخ الأسطوري كما في قصة:" بروميثيوس" لعبد الله المتقي؛
- المستنسخ الفني كما في قصة:" الإخراج والإدخال" لمحمد شويكة في مجموعته:"القردانية".
أما عن آليات التعامل مع التناص، فنلاحظ أنواعا ثلاثة من آليات الاستنساخ:
1- الاستنساخ الحرفي؛
2- الاستنساخ الوظيفي؛
3- الاستنساخ الإبداعي.
وإذا تأملنا مثلا قصص الكاتب المغربي مصطفى لغتيري في مجموعته" مظلة في قبر"، فإنها تصدر عن مرجعية ثقافية غنية بالمستنسخات والإحالات التناصية ومعرفة خلفية زاخرة بالحمولات المعرفية الأدبية والفنية والعلمية، إذ استطاع الكاتب أن يصهرها في بوتقة سردية موحية أحسن تحبيكها قصد إيصال رسالته المقصدية . وهذه الخاصية كما قلنا سابقا هي التي تفرد مصطفى لغتيري عن باقي رواد القصة القصيرة جدا. ومن القصص التي تحمل طابعا ذهنيا وثقافيا نذكر على سبيل التمثيل لا الحصر: بلقيس والمومياء وأبراهام وديانا وعولمة والخطيئة ودخان أسود.... ويمتزج في كتاب مصطفى لغتيري التاريخ بالاقتصاد، والعلم بالأدب، والفن بالفلسفة. وهذا ما يؤشر على موسوعية الكاتب وانسياقه وراء ماهو ذهني وثقافي. لذلك، يستوجب إبداعه متلقيا ضمنيا مثقفا يستطيع أن يفك مستنسخات قصصه وعلاماته التناصية ورموزه اللغوية ودواله المضمرة.
هذا، وتنبني القصة القصيرة جدا في أضمومة " تسونامي" على توظيف التناص والمستنسخات النصية والمقتبسات المعرفية وتشغيل المعرفة الخلفية الداخلية والخارجية من خلال استحضار الأعلام والنصوص اللاواعية والأفكار المخزنة والذاكرة المضمرة والعبارات المسكوكة والصيغ المأثورة والحقول المعرفية عبر قنوات الامتصاص والاستفادة والحوار والتفاعل النصي.
ويعد مصطفى لغتيري من القصاصين الذين يصدرون عن رؤية ذهنية ثقافية يتحكم فيها التناص بشكل كبير من خلال توظيف مجموعة من الإحالات المعرفية التناصية التي تتمظهر في المؤشرات والمستنسخات التالية: أبو العلاء المعري، الكوميديا الإلهية، بورخيس، رسالة الغفران، فان كوخ، دانتي، المعرة، سارتر، سيمون دي بوفوار، زرادشت، نيتشه، بشار بن برد، جورج واشنطن...

No comments:

Post a Comment