Wednesday, January 11, 2012

كتاب: من أجل مقاربة جديدة لنقد القصة القصيرة جدا ( المقاربة الميكروسردية)

المبحث الرابع: المستوى التوجيهي:


لاينبغي للناقد أن يكتفي بالقراءة والتقويم دون اللجوء إلى التوجيه والإرشاد، فعملية التوجيه مهمة للمبدع لكي يستفيد من أخطائه وأدوائه ليتفاداها في المستقبل. ويستحسن أن تكون عملية التوجيه مفيدة وشاملة تحيط بكل الجوانب النصية معللة ومفسرة بأدلة ملموسة وموثقة علميا وموضوعيا.
ومن النماذج النقدية التي اعتمدنا فيها على التوجيه والإرشاد ما كتبناه في حق المبدعة وفاء الحمري حول مجموعتها:" بالأحمر الفاني":


" غلبت وفاء الحمري في مجموعتها القصصية الهمين: الواقعي والقومي على حساب الهم الأسري والذاتي. ويعني هذا أن الكاتبة لم تعط لمشاكل الذات الأنثوية إلا حيزا محدودا وضئيلا ، وذلك بالتشديد على بعض المشاكل البارزة في الأسرة المغربية كعمل المرأة الموظفة، واحتداد الصراع اليومي بين الزوجين، وتفكك الأسرة، وتشرد الأبناء، ومشكل الفراق والطلاق...
وتمتاز مجموعة وفاء الحمري بالرؤية الإسلامية المتزنة القائمة على الطرح الواقعي والاجتماعي والقومي والإنساني . بيد أن المجموعة على الرغم من تنوع أساليبها وسجلاتها الخطابية والتجنيسية فقد سقطت في المباشرة والتقريرية والمعالجة الواضحة للمعطى الموضوعي والذاتي. أي يفتقد العمل إلى خاصيات جمالية تميز جنس القصة القصيرة وتفرده عن باقي الفنون الأدبية الأخرى كالعصف الذهني والغموض الفني وإرباك المتلقي والإضمار الفلسفي والترميز الإحالي والانزياح المجازي والتخييب الدلالي والتي نجدها بشكل أو بآخر عند باقي كتاب القصة القصيرة جدا كمصطفى لغتيري وجمال بوطيب وعبد الله المتقي وسعيد بوكرامي وحسن برطال وعز الدين الماعزي...
ويتضح لنا ، في الأخير، أن وفاء الحمري قد تأثرت أيما تأثر بالحسين زروق صاحب مجموعتين قصصيتين قصيرتين ألا وهما: " الخيل والليل" و" صريم" على مستوى التيمات والرؤية والصياغة الفنية والجمالية تناصا وتفاعلا وحوارا وتواردا.
وعلى الرغم من هذه الانتقادات ، فوفاء الحمري لها بدون شك مستقبل زاهر في مجال القصة القصيرة جدا إذا استفادت من توجيهاتنا النقدية وملاحظاتنا التقويمية، ومالت نحو الأسلوب السهل الممتنع البعيد عن التقريرية والمباشرة مع تغليفه بالإيحائية والرمزية ، والمراوحة بين خاصيتي الفائدة والمتعة."


تركيب:


يمكن للناقد الذي يتبنى المقاربة الميكروسردية أن يحترم هذه المستويات الدراسية كما عرضناها بشكل متدرج ، فيبدأ بالمستويات الدنيا إلى المستويات العليا أو يتصرف فيها تقديما وتأخيرا مع حذف بعض المستويات لضرورات منهجية أو عملية أو لضيق الوقت وشساعة الموضوع أو الدراسة.
ومن ثم، فمنهجيتنا الميكروسردية منهجية مركبة ومتكاملة تحيط بالنص الإبداعي من جميع جوانبه الداخلية والخارجية . وبالتالي، فهي منهجية مرنة ومنفتحة على كل المقاربات الوصفية والمعيارية وقابلة للاستفادة من المستجدات المنهجية بشرط أن تكون أدوات تقنية إجرائية وسهلة لتطبيقها واستثمارها في مجال مقاربة القصة القصيرة جدا.

No comments:

Post a Comment